تتردد عبارة الثورة الصناعية الرابعة، فهل تساءلت ما هي تلك الثورة ولماذا اطلقت عليها تلك التسمية. في الحقيقة، هناك العديد من النظريات التي ترجع اسباب تلك التسمية، ولكنها في الاغلب تعود الى المنتدى الاقتصادي العالمي الذي عقد في دافوس عام 2016، والذي القى الضوء على الثورة الصناعية الرابعة والتي بدأت تتضح معالمها تباعاً.
الثورة الصناعية الرابعة
ربما قرأت الكثير عن الثورة الصناعية الرابعة، ولكنك لم تكوّن التفاصيل الدقيقة حولها. عند ذكر الثورة الصناعية الرابعة، هذا يعني أنه قد سبقها ثلاثة ثورات في عالمنا مهدّت للثورة الرابعة. ففي اواخر القرن الثامن عشر شهد العالم على تغيرات وتطورات عدة من قطاع الزراعة وصولا الى ثورة التكنولوجيا. من هذا المنطلق، انطلقت الثورة الصناعية الرابعة تكملة لانجازات الثورات الثلاثة السابقة، وتحديدا في عالم الانترنت. كما برزت الابحاث في تخزين المعلومات وكل ما يتعلق بالمعرفة والاكتشافات. هذه الانجازات مهدت امام عالم جديد في التكنولوجيا من خلال الذكاء الاصطناعي، وصناعة الروبو، وعالم الحواسيب، والتكنولوجيا ذات الابعاد الثلاثية. اطلق على الثورة الصناعية الرابعة العديد من التسميات ولكن كلها تدور في فلك الذكاء الاصطناعي والطباعة ثلاثية الابعاد وتطور عالم الانترنت بشكل رهيب.
ما هي الثورة الصناعية الرابعة
مرت الثورة الصناعية بمراحل عدة، وكتب عنها الكثير من الكتب والتعريفات التي ألقت الضوء عليها لانها شهدت تطورا لم يكن في الحسبان. فقد تمثلت الثورة الصناعية الثالثة بعالم الرقمنة البسيطة، أما الثورة الرابعة فقد شهدت عالم الرقمنة الابداعية التي تقوم على الاكتشافات التقنية التي برزت عن طريق خوارزميات مبتكرة. من هنا، ان الثورة الصناعية الرابعة جاءت بعد خلط التقنيات المادية والرقمية والبيولوجية. لذلك اصبحت التكنولوجيا جزءاً لا يتجزأ من المجتمع وحتى من أجسامنا البشرية كأفراد، أبرزها تكنولوجيا الفضاء، وتوسع شبكة الانترنت، والمدن الذكية.
تحديات الثورة الصناعية الرابعة
لا يمكن القول ان الثورة الصناعية الرابعة لن تواجهها صعوبات، بل هناك لائحة طويلة من تحديات الثورة الصناعية الرابعة. رغم عمل وجهد الدول الكبرى على تخطي تلك التحديات، الا انها لا تزال غارقة في صعوباتها بسبب الفروقات بين الدول اقتصادياً واجتماعياً. ان تحديات الثورة الصناعية الرابعة تتمثل بالاليات وتأثيرها على الانشطة الاقتصادية المختلفة سواء تتعلق بالسلع او الخدمات او خلق انماط اخرى. من ابرز التحديات أيضاً هي صنع وانتاج وتسويق وتوظيف وتشغيل واستهلات واعادة انتاج المعلومات والمعرفة. يشمل هذا الامر الصناعات التي تعتمد على الذكاء الصناعي كالروبوتات، والبرمجيات المستخدمة لاكتشاف أدوية جديدة. كذلك ان تحديات الثورة الصناعية الرابعة هي سرعة التطور التكنولوجي الحديث الذي يدفع نحو ظهور تكنولوجيا احدث وأقوى. هذا الامر ينعكس على العصر الرقمي حيث تحتاج الشركات للاستغناء عن عدد كبير من موظفيها، وتطور الشركات التي تقوم على التكنولوجيا من دون ميزانية كبيرة من بينها شبكات التواصل الاجتماعي الانستغرام والفايسبوك وغيرهما.
لكن ابرز تحديات الثورة الصناعية الرابعة هي التنافسية بين الدول من ناحية التكنولوجيا التي تملكها. فتتشكل المجتمعات الدولية بين مستوى معيشي ترفيهي واخرى غارقة في الفقر والعوز. ان الدول مثل المانيا واليابان والولايات المتحدة الاميركية تسعى للتطور التكنولوجي الكبير بينما دول العالم الثالث غارقة في الفقر والمجاعة والحروبات.
الثورة الصناعية الرابعة في المملكة
لا يمكن الكلام عن الثورة الصناعية الرابعة من دون الحديث عن المملكة العربية السعودية. اذ تعتبر الاخيرة من ابرز الدول التي واكبت التطور وشهدت نمواً في الثورة الصناعية الرابعة في المملكة. فقد وضع ولي العهد محمد بن سلمان اسس المضي اسس التغيرات في الاقتصاد والصناعة، وستظهر ملامحهما تبعاً لرؤية المملكة 2030. اذ تسعى المملكة الى تحقيق الثورات بعيداً عن الاقتصاد النفطي الذي تعرف به الدول الخليجية. راحت المملكة تطور المجتمع الرقمي وتنشأ المدن الرقمية لكي تصل الى اقتصاد رقمي يقوم على الذكاء الاصطناعي.
الثورة الصناعية الرابعة في الامارات
ليست المملكة العربية السعودية وحدها من مشت في خطوات الثورة الصناعية الرابعة، بل كذلك الحال بالنسبة الى الامارات العربية المتحدة. فقد قامت الامارات بتشكيل أول مجلس للثورة الصناعية الرابعة، وترتكز اسسه على تحسين قطاع التعليم ومواكبة التكنولوجيا، اضافة الى تحسين الرعاية الصحية وتحقيق الامن الغذائي. هذا ناهيك عن مواكبة التكنولوجيا في ابحاث الفضاء والاعتماد على الاقتصاد الرقمي. لكن الجانب الاهم، ان الامارات حققت تقدما لافتاً في مجال الذكاء الصناعي حيث تخطت نسبته الـ 70 بالمئة وستواكب المزيد من الاستثمارات في ذلك العالم في الاعوام المقبلة.
إن تحديات الثورة الصناعية الرابعة كبيرة ولا يمكن اختصارها بمقال واحد، وعلى رأسها انتشار البطالة بشكل واسع في العالم. فقد لفتت الاحصاءات وتقديرات خبراء الاقتصاد ان تلك الصناعة ستقلص فرص العمل الى نحو النصف تقريباً. كما سيتأثر المجتمع ككل بتلك الثورة على رأسهما الطبقة الوسطى والفقيرة، كذلك الوظائف التي لا تحتاج الى تقنية عالية. ستنعكس الثورة الصناعية الرابعة على جميع المعالم والوظائف في البر والبحر، ولكن الصراع الحقيقي سيكون في الفضاء الالكتروني.