يعرض جناح الجمهورية السورية، المشارك في معرض إكسبو دبي 2020، أقدم نوتة موسيقية مدونة (أنشودة العبادة الأوغاريتية) على العالم.
وأنشودة (العبادة الأوغاريتية) مجموعة موسيقية تعود لأكثر من 3500 عام نقشت بالكتابة المسمارية على ألواح طينية أثرية عثر عليها في أوغاريت (رأس شمرا) العمورية الكنعانية بمدينة اللاذقية.
وحول القيمة التاريخية لهذه المقطوعة يؤكد الباحث الأثري المتخصص بالآثار الأوغاريتية غسان القيم في تصريح لوكالة الأنباء السورية (سانا) أنها أقدم عمل موسيقي متكامل تم تلحينه في العالم، مبيناً أنه تم اكتشافها في لوح صلصالي احتوى كامل كلمات ترنيمة أغنية لنيغال آلهة الزراعة.
ورغم أن الترنيمة وجدت كاملة دون اسم لمؤلفها وفقا للقيم فإن التاريخ يوثق لنا عدة روايات لسبب تأليفها منها أن “نيغال كانت حزينة بسبب عقمها مع أن زوجها الإله يرخ هو الذي كان يمنح الذرية للأزواج”.
في حين تذكر رواية أخرى أوردها عالم الموسيقى البريطاني ريتشارد دومبريل الذي ترجم هذه الترنيمة أنها “تحكي قصة فتاة شابة لا تنجب وتظن أن عدم إنجابها كان من جراء إثم ما ارتكبته دون أن يأتي اللوح على ذكره”.
ويؤكد القيم أن أوغاريت لم تقدم للعالم فقط أقدم أغنية بل إنه عثر فيها سنة 1957 على 36 رقيماً طينياً تنسف إحدى المقولات التاريخية الكبيرة المغلوطة بأن عالم الرياضيات اليوناني فيثاغورس هو من اكتشف الموسيقى في حين أنه اعتمد رموزاً أوغاريتية تشير إلى أقدم تنويط موسيقي.
ويعود الفضل في هذا الكشف العلمي للعالم السوري راؤول فيتالي 1928-2003 الذي قام بتحديد درجات السلم الموسيقي بعد أن قدم قراءة كاملة للتدوين الموسيقي في ترنيمة نيغال.
وأوضح القيم أن فيتالي تابع ترجمته للنص الموسيقي وتنويط النشيد وأعاد ترتيب سلمه الموسيقي حيث يحتوي هذا النص على نص كتابي يحمل إرشادات لعازف آلة (الهارب) وكيفية عزف الترنيمة صوتياً، موضحاً أن فكرة النص الموسيقي تدور حول ابتهال حزين عن زواج إله القمر يرخ من الآلهة نيغال والذي لم يسفر عن الإنجاب.. وتضرع الأخيرة إلى الآلهة وكلماتها المدونة بأسلوب السلم السباعي الموسيقي.
ويشير القيم إلى أن هذه التدوينات الموسيقية الأوغاريتية كتبت باللغة الحورية لذلك تعذر ترجمة النص بشكل كامل لأن الحورية غير مكتشفة بالكامل.
ولكن عظمة ما تخبرنا عنه الاكتشافات الأثرية في أوغاريت لم تتوقف عند هذه الترنيمة فهنالك رقيم آخر مشهور يسمى (مباركة ربيعو) يذكر فيها وفق الباحث القيم الأدوات الموسيقية التي يعزف.
ولفت القيم إلى أن الغناء والعزف في أوغاريت كانا يترافقان مع الآلات الموسيقية حيث كان سكان هذه المملكة يعزفون على الصنوج والقيثارة والناي والطبل والقصبة وآلات أخرى تشبه آلة العود الحالية ويبدو أنه كان لديهم بعض الفرق الموسيقية أيضا.
انبهار موسيقيي اليوم بإرث السوريين الضارب جعلهم يجدون في هذه الترنيمة مصدر إلهام لتقديم وصناعة تجارب موسيقية غنية، فالموسيقي القدير رعد خلف في عام 2003 وبمناسبة الذكرى الـ75 لاكتشاف أوغاريت عمل على مشروع موسيقي حمل عنوان (ألواح أوغاريت) مع أوركسترا زرياب المتخصصة بالحضارات القديمة.