هل يؤثر فصل الشتاء على الساعة البيولوجية وجودة النوم؟..
قبل بداية فصل الشتاء، تتكاثر العديد من الأسئلة حول تأثير درجة الحرارة الخارجية على النوم وجودته. إذا تنخفض درجات الحرارة في الشتاء، ويكون لهذا الانخفاء تأثيرات مختلفة على صحة الإنسان، من المعروف أن الكثير منها، على سبيل المثال، زيادة انتشار نزلات البرد.، البرد أو الانفلونزا. ويتساءل الكثير من الناس، هل تؤثر درجة الحرارة الخارجية على النوم ووظائفه؟
في هذا التقرير سنتحدث عن دراسة نشرت مؤخرًا حول تأثير فصل الشتاء على الساعة البيولوجية وجودة النوم...
عند الحديث عن النوم، هناك جانبان مهمان يجب أخذهما في الاعتبار.
- تأثير درجة الحرارة على ساعة الجسم وإيقاع الساعة البيولوجية.
- تأثير درجة الحرارة على نوعية النوم.
- ويمكننا أن نضيف إلى ذلك التأثيرات الموسمية على مدة النوم، إذ تقل ساعات النهار وتكثر ساعات الليل في الشتاء.
تأثير درجة الحرارة الخارجية على إيقاع الساعة البيولوجية ودرجة حرارة الجسم:
من المعروف أن ساعة الجسم على مدار 24 ساعة تقريبًا تتحكم في إيقاعات الساعة البيولوجية وجميع الوظائف الفسيولوجية، من البشر إلى الحيوانات والنباتات إلى الكائنات الخلوية مثل عفن الخبز. وتتأثر هذه الساعة الداخلية بعوامل خارجية مثل الضوء. ويتم تعريف ساعة الجسم على أنها قدرة الجسم على التحول من النوم في أوقات معينة (عادة في الليل) إلى الاستيقاظ والنشاط في أوقات أخرى (عادة خلال النهار).
ومع ذلك، فقد أظهرت الأبحاث السابقة أن درجة الحرارة الخارجية نفسها لا تؤثر على طول الساعة الداخلية. وهذا ما أكدته دراسة حديثة نشرت مؤخرًا في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences.
ولكن على الرغم من أن درجة الحرارة الخارجية تؤثر على بعض التفاعلات الكيميائية في دورة الساعة الداخلية، إلا أن الساعة الداخلية في النهاية لا تتأثر بدرجة الحرارة الخارجية.. ويعتقد الباحثون أن هذا يرجع إلى آلية تسمى "تعويض درجة الحرارة". في هذه الآلية، تلغي تأثيرات الحرارة الخارجية على العديد من التفاعلات الكيميائية للدورة البيولوجية بعضها البعض، وعادةً لا تتأثر الساعة البيولوجية.
تأثيرات شروق الشمس وغروبها على وقت النوم:
لا تؤثر التغيرات في درجة الحرارة على ساعة جسمك البيولوجية، ولكن التغيرات في أوقات شروق الشمس وغروبها بسبب التغيرات الموسمية يمكن أن تؤثر على ساعة جسمك ووقت نومك. في فصل الشتاء، تشرق الشمس في وقت متأخر وغالبًا ما تذهب إلى العمل في الصباح بينما لا يزال الظلام دامسًا، مما يؤثر على ساعة جسمك البيولوجية، والتي تحدد متى تنام ومتى تستيقظ. كما ذكرنا سابقًا، فإن الضوء هو العامل الرئيسي الذي ينظم ساعة الجسم البيولوجية، وهو ما يضبط ساعة الجسم كل يوم من خلال التحكم في إفراز "الميلاتونين" وهو هرمون النوم المظلم.
وذلك لأن هرمونات النوم تفرز في الدماغ عن طريق الغدة الصنوبرية. وهو متصل بالعصب البصري. ولذلك تبين أن تغيير توقيت التعرض للضوء يؤثر على إفراز الهرمون، والذي يزداد مع بداية النوم ويصل إلى أقصى تركيز له في الدم في ساعات الفجر الأولى (2-3 صباحًا).
كما يصاحب ذلك انخفاض في درجة حرارة الجسم الأساسية، وبعد ذلك تبدأ مستويات الهرمون في الارتفاع. ومن الضروري الذهاب إلى النوم مبكراً، خاصة في فصل الشتاء، حيث يصل الانخفاض إلى أدنى مستوياته خلال النهار.
يمكنك الاستيقاظ بكامل نشاطك في الصباح. وقد ظهر ذلك في عدد من الدراسات، آخرها دراسة حديثة نشرت في مجلة Biological Rhythms من قبل باحثين من جامعة هارفارد، تناولت تأثيرات الموسم على مدة النوم. وقام الباحثون بدراسة مجتمعين من السكان الأصليين في الأرجنتين لهما خصائص متشابهة للغاية، لكن أحدهما كان يتمتع بالكهرباء في الليل والآخر لا. كانت المجتمعات التي لا تحتوي على أضواء ليلية تنام لفترة أطول من المجتمعات الأخرى، لكن كلا المجتمعين ينامان حوالي ساعة أطول في ليالي الشتاء مقارنة بالصيف.
آثار الأجواء الباردة على جودة النوم:
لقد أجريت العديد من الدراسات على الحيوانات التي تنام في الأجواء الباردة، لكن هذه الدراسات أجريت في أجواء لا يصادفها الإنسان الطبيعي، لذا قد لا تنطبق على الإنسان.
هناك نوعان من الأبحاث التي تجرى على الأشخاص في المناطق الباردة:
الأبحاث التي تجرى في المختبر والأبحاث التي تجرى في المناخات الطبيعية الباردة مثل القارة القطبية الجنوبية. دعونا نستعرض بإيجاز نتائج البحث هذه.
أظهرت الأبحاث أن تأثير الطقس البارد على النوم يعتمد على مقدار الوقت الذي تقضيه في البرد. هناك آليات تكيفية تعمل على تحسين النوم مع اعتيادنا على الطقس البارد.
لكن بشكل عام، تظهر الأبحاث أن الطقس البارد يمكن أن يعطل النوم ويزيد من القلق. فيما يتعلق بتخطيط النوم، فقد تبين أن الطقس البارد يقلل من مرحلة الحلم (نوم حركة العين السريعة)، بينما يعطل قليلاً النوم العميق (المرحلة 3).
تعتبر مراحل النوم مهمة لوظيفة الدماغ وتساعد على تصفية ذهنك وتحسين تركيزك خلال النهار. كما زاد إخراج البول وإفراز هرمونات التوتر مثل النورادرينالين، وترتفع مستوياتها عندما يكونون عصبيين أو متوترين. كما يرتفع ضغط الدم وينخفض عادة إلى أدنى مستوى له أثناء النوم.
وبعبارة أخرى، فإن الطقس البارد يغير فسيولوجيا النوم الطبيعية. مما سبق يتبين أن النوم في الطقس البارد يمكن اعتباره نوعاً من التوتر والضغط النفسي، وهو ما يفسر انخفاض مرحلة حركة العين السريعة وزيادة إفراز هرمونات التوتر، مما يؤدي إلى انخفاض النوم في الطقس البارد. قد يقدم هذا تفسيرًا نظريًا لزيادة حدوث الالتهاب.
والغريب أن الكثير من هذه الظواهر تختفي عندما يعتاد الإنسان على النوم في الطقس البارد (أي بعد عدة ليال من بداية فصل الشتاء).
ما سبق يوضح أهمية الحفاظ على دفء غرفة النوم، خاصة للأطفال، حيث أن التغييرات السابقة يمكن أن يكون لها تأثير كبير على هذه الفئة العمرية. بالإضافة إلى ذلك، فإن ارتداء الملابس الدافئة، مثل البيجامات السميكة ذات الأكمام الطويلة، مهم أيضًا للحفاظ على درجة حرارة الجسم. وقد قام الباحثون بدراسة علمية لتأثير الملابس على النوم في الطقس البارد، ووجدوا أن التغيرات المذكورة تقل لدى الأشخاص الذين يرتدون ملابس تحافظ على درجة حرارة الجسم.